فصل: كِتَابُ السِّيَرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ: مِنْ الْهِجْرَةِ فَيَكُونُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ وَرِوَايَةٍ وَإِلَّا فَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلِ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ} {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَصْحَابِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يَذْكُرُوا مُقَدِّمَةً فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ فَلْنَذْكُرْ نُبْذَةً مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ فَنَقُولُ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَآمَنَتْ بِهِ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ثُمَّ بَعْدَهَا قِيلَ: عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَقِيلَ: ابْنُ عَشْرٍ وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ثُمَّ أُمِرَ بِتَبْلِيغِ قَوْمِهِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ مَبْعَثِهِ، وَأَوَّلُ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى التَّوْحِيدِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا فِي آخِرِهَا ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَقِيلَ: بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ فُرِضَ الصَّوْمُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ تَقْرِيبًا، وَفُرِضَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ الصَّوْمِ وَقِيلَ: قَبْلَهُ وَقِيلَ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قِيلَ: فِي نِصْفِ شَعْبَانَ وَقِيلَ: فِي رَجَبٍ مِنْ الْهِجْرَةِ حُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ وَفِيهَا فُرِضَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَفِيهَا ابْتَدَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ عِيدِ الْفِطْرِ ثُمَّ عِيدِ الْأَضْحَى ثُمَّ فُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ سِتٍّ «وَلَمْ يَحُجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَاعْتَمَرَ أَرْبَعًا». اهـ.
وَكَذَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إلَّا قَوْلَهُ: قَدْ جَرَتْ إلَى بَعْثِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَى ثُمَّ فُرِضَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَقِيلَ: إلَى الْمَتْنِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بَعْدَ أَنْ نُهِيَ عَنْهُ فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ آيَةً إلَخْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ مَبْعَثِهِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إذَا ابْتَدَءُوا بِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِنَهَى. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ لَكِنَّهُمْ أَبْدَلُوا رَجَبًا بِشَوَّالٍ وَكَانُوا تَعَاهَدُوا عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ وَلَا زَمَانٍ مُغْنِي وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ: آيَةُ: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ السَّابِقِ ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ سم وَرُشَيْدِيٌّ أَيْ: مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ.
(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا كَوْنُهُ فَرْضًا فَبِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ شَيْخِنَا إلَخْ) صَدَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِالْإِطْلَاقِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْآخِرِ التَّفْصِيلَ فَيُنَزَّلُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَيَسْقُطُ اعْتِرَاضُهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى) إلَى قَوْلِهِ: هَذَا مَا صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَاعِدُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَائِلُهُ قَالَ: كَانَ الْقَاعِدُونَ حُرَّاسًا لِلْمَدِينَةِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَرَدُّوهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَعِيدَ لِمَنْ عَيَّنَهُ إلَخْ) وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا عَلَيْهِ قَالَ شَاعِرُهُمْ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا، وَقَدْ يَكُونُ الْجِهَادُ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضَ عَيْنٍ بِأَنْ أَحَاطَ عَدُوٌّ بِالْمُسْلِمِينَ كَالْأَحْزَابِ مِنْ الْكُفَّارِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا حَوْلَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ مُقْتَضٍ لِتَعَيُّنِ جِهَادِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فَصَارَ لَهُمْ حَالَانِ خِلَافَ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا بَعْدُ إلَخْ. اهـ. مُغْنِي.
(وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ) الْحَرْبِيِّينَ (حَالَانِ أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ) أَيْ كَوْنُهُمْ (بِبِلَادِهِمْ) مُسْتَقِرِّينَ فِيهَا غَيْرَ قَاصِدِينَ شَيْئًا (فَ) الْجِهَادُ حِينَئِذٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إجْمَاعًا، كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَحْصُلُ إمَّا بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ، وَهِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ الَّتِي تَلِي بِلَادَهُمْ بِمُكَافِئِينَ لَهُمْ، لَوْ قَصَدُوهَا مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ، وَتَقْلِيدُ ذَلِكَ لِلْأُمَرَاءِ الْمُؤْتَمَنِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ دَارَهُمْ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ بَعْثُهَا فِي جَمِيعِ نَوَاحِي بِلَادِهِمْ وَجَبَ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِذَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَصَرِيحُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُجُوبِ قِتَالِهِمْ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ كَمَا ذُكِرَ كَانَ فِي ذَلِكَ إخْمَادٌ لِشَوْكَتِهِمْ وَإِظْهَارٌ لِقَهْرِهِمْ بِعَجْزِهِمْ عَنْ الظَّفَرِ بِشَيْءٍ مِنَّا، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِتَالِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَجَبَ، فَكَذَا إذَا اكْتَفَيْنَا هُنَا بِتَحْصِينِ الثُّغُورِ وَاحْتِيجَ لِقِتَالِهِمْ وَجَبَ، وَأَمَّا ادِّعَاءُ إيجَابِ الْجِهَادِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مَعَ تَحْصِينِ الثُّغُورِ فَهُوَ وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي تَرْكِهِ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ صَرِيحَتَيْنِ فِي الْوُجُوبِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مُطْلَقًا، زَادَ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ حَاجَةٌ إلَى التَّأْخِيرِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ الْجِهَادُ دَعْوَةٌ قَهْرِيَّةٌ فَتَجِبُ إقَامَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا مُسْلِمٌ أَوْ مُسَالِمٌ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ وَلَا يُعَطَّلُ إذَا أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ وُجِّهَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ تَجْهِيزَ الْجُيُوشِ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَى أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَإِلَّا وَجَبَ، وَشَرْطُهُ كَالْمَرَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِنَا ضَعْفٌ أَوْ نَحْوُهُ كَرَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، وَإِلَّا أَخَّرَ حِينَئِذٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يُبْدَأَ بِقِتَالِ مَنْ يَلُونَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَكْثَرَ فَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِمْ، وَأَنْ يُكْثِرَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَيُثَابَ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَحُكْمُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي هُوَ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ لِفَاعِلِهِ، أَنَّهُ (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَذَوِي صِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ أُنُوثَةٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ كَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا، (سَقَطَ الْحَرَجُ) عَنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ و(عَنْ الْبَاقِينَ) رُخْصَةً وَتَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ؛ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَقَرَّ فِي الرَّوْضَةِ الْإِمَامَ عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ السُّقُوطُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهِ الْكُلُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ الْكُلُّ أَثِمَ أَهْلُ فَرْضِهِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ جَهِلُوا أَيْ وَقَدْ قَصَّرُوا فِي جَهْلِهِمْ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لِتَقْصِيرِهِمْ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ تَجْهِيزُ مَيِّتٍ بَقَرِيَّة أَيْ: مِمَّنْ تَقْضِي الْعَادَةُ بِتَعَهُّدِهِ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَإِنْ جُهِلَ مَوْتُهُ لِتَقْصِيرِهِمْ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتُ إلَخْ) هَذَا الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِ هِمَا مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى لِعَاقِلٍ عُذْرٌ فِي تَرْكِ اعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي مُؤَلَّفٍ حَافِلٍ عَرَضَهُ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوهُ عَلَيْهِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَمْتَرِي فِيهِ عَاقِلٌ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنْ أَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ م ر.
(قَوْلُهُ: مُسْتَقِرِّينَ) إلَى قَوْلِهِ: هَذَا مَا صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: الْمُؤْتَمَنِينَ إلَى وَأَمَّا بِأَنَّ، وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ، وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَى، وَأَقَلُّهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحَلُّهُ فِي الْغَزْوِ أَمَّا حِرَاسَةُ حُصُونِ الْمُسْلِمِينَ فَمُتَعَيِّنَةٌ فَوْرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ تَشْحِينِ الثُّغُورِ وَدُخُولِ الْإِمَامِ إلَخْ قَالَ م ر: وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ رَدَّ ذَلِكَ، وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ أَقَامَ فِيهِ الْبَرَاهِينَ عَلَى أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ وَعَرَضَهُ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ ع ش وَرُشَيْدِيٌّ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ) لَعَلَّهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ آنِفًا: وَتَقْلِيدُ ذَلِكَ لِلْأُمَرَاءِ الْمُؤْتَمَنِينَ إلَخْ. اهـ. ع ش.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي آخِرِ السِّوَادَةِ وَشَرْطُهُ إلَخْ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْإِمَامِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ إمَّا بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصَرِيحُهُ) أَيْ: هَذَا أَوْ مَا صَرَّحَ إلَخْ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ: بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْأَوَّلِ مَا ذُكِرَ أَيْ: عَدَمُ وُجُوبِ الْقِتَالِ عَلَى الدَّوَامِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتُ إلَخْ) هَذَا الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى وَجْهٍ لَا يُبْقِي لِعَاقِلٍ عُذْرًا فِي تَرْكِ اعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي مُؤَلَّفٍ حَافِلٍ عَرَضَهُ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوهُ عَلَيْهِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَمْتَرِي فِيهِ عَاقِلٌ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: وَإِنْ حَصَّنَ الثُّغُورَ.
(قَوْلُهُ: زَادَ الْأَوَّلُ) أَيْ: شَرْحُ الْمُهَذَّبِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ: وَزَادَ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ) أَيْ: الْوُجُوبَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ: الِادِّعَاءَ الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ: قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ بِوُجُوبِ الزِّيَادَةِ فِي سَنَةٍ عَلَى مَرَّةٍ عِنْدَ الْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَّهَ) أَيْ: الْإِمَامُ الْأَوَّلَ أَيْ: الْوُجُوبَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَعَ التَّحْصِينِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ سَنَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَخَّرَ) أَيْ: وُجُوبًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) إلَى قَوْلِهِ: وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِمَاهِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ.